شعور السعادة من الخيال للواقع
August 27, 2023
أنا من أولئك الأشخاص الذين يعيشون في خيالهم كثيراً لطالما كنت أشاهد أفلام الخيال، كيف يكون البطل لديه قوة خارقة يساعد بها الناس المساكين، وينقذهم، وكيف يسمع دعائهم له، ويشعر بتلك السعادة العارمة؛ لذلك كنت أتخيل أن لي قوة خارقة وأصنع سيناريو كيف سأساعد الناس إذا امتلكتها، كيف أرى تلك الفرحة تتجلى في عيونهم، وأتدرب كيف سأرد على كلامهم الطيب أتجاهي. حتى أنني كنت أستغرق ساعات وأنا أحدق في الباب أو في أي شيء أمامي ظناً مني أن قوتي المعهودة ستبدأ أن حركتُ الأشياء وبعدها سأنطلق.
لكن مع تقدمي في العمر متجاوزة أوهام الطفولة وصلت مرحلة نضجتُ فيها، واتضحت أفكاري، واكتشفت زيف السينما، وأنه ليس هنالك قوة خارقة!
لكن كيف؟ ماذا عن أحلامي التي نسجتها والسعادة المعهودة؟
رغم تجلي ظُلمة الوهم وطغيان نور الوعي لم أتجاهل النداء الذي بداخلي لمساعدة الآخرين. فكرت أنني حتى لو لم تكن لي قوة خارقة سأساعد الناس بالقدر الذي أستطيع. بدأت بإعطاء النصائح والاستماع للأشخاص الذين ليس لديهم من يفضفضون له عن هموم الحياة وعطائهم الأمل. شعرت بتلك النشوة التي دفعتني لتجربة المزيد….
بعدها دخلت في فريق متطوعين لتوفير العلاج لحالة مرضية، وأخيراً انضممت لمنظمة خيرية.
بعد هذه التنقلات بين هذه وتلك من تجارب الحياة ورؤية المتطوعين وشغفهم للمساعدة وذهابهم للبحث عن الناس المحتاجة اكتشفت أنه قد لا تكون هنالك قوة خارقة، ولكن متيقنة من وجود أشخاص خارقين يؤثرون على أنفسهم لتقديم المساعدة، كلما رأيتهم أستشعر قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ).
بتقديمي للمساعدة (وهذا شيء أشكر الله عليه دائماً) لأول حالة كنت مسؤولة عنها رأيت الفرحة في عيونهم، وسمعت كلماتهم المشجعة، ودعواتهم لي، لكنني لم أتمكن قط من قول أي كلمة مما تدربت عليه في خيالي. اكتفيت بالصمت في محاولة للسيطرة على دموعي من الانهمار، ومشاعري الغريبة آنذاك.
طوال طريق العودة للمنزل اكتفيت بالابتسام وتَذَكُر فرحتهم، شعرت أن روحي تطير من السعادة حتى وصلت بيتنا، خاطبت أختي وأنا أجهش بالبكاء وأضحك (كأجمل موقف لازدواج المشاعر) قائلة: أنه شعور رائع أشعر بسعادة لو قسمتها على العالم لأصبح الجميع سعداء. أخذت أشرح الموقف بأدق التفاصيل وأعيده وأكرره بلا ملل كأنني أزن كلماتي محاولة تذوقها والاحتفاظ بذلك الطعم الرائع.
أعلم أني مشاركة ليعيش شخص آخر بلا ألم، أشارك ليعيش أشخاص آخرون تحت سقف يؤيهم من حر الصيف وبرد الشتاء، أشارك ليرونني مثال جيد ويرددون (أن العالم ما زال بخير). أتخيل كم سيُذكر أسمي في دعواتهم.
شيء أتمنى أن يجربه الجميع ويرى مدى الدفئ الذي يحتضن القلب والروح.
وأخيراً وجدت سعادتي ماذا عنكم؟
بقلم المتطوعة: تبارك العلي
تذكرة:
“تجاوز الذات وتقديم العمل التطوعي للآخرين يجلب السكينة للنفس ويعمّر قلوب الآخرين بالرحمة، فلنكن من أولئك ولنساهم في ذلك”
للتبرع لحالة إنسانية محددة: اضغط هنا
للتبرع لصندوق التبرعات العام: إضغط هنا
لتقديم طلب إنضمام لفريق المتطوعين: إضغط هنا
لملأ استمارة طلب المساعدة: إضغط هنا