الأول: الله تعالى هو الذي يزكّي نفوس عباده (ولكن الله يزكي من يشاء).
ثانيا: التزكية هي الدعم الروحي الذي يرتقي بالنفس بحيث لا تتبع خطوات الشيطان الآمرة بالفحشاء والمنكر.
ثالثا: تزكية النفس من فضل الله ورحمته (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زَكَى منكم من أحد).
رابعا: (ولا يأتل) أي لا يمتنع أو يقصر (أولو الفضل منكم والسعة) أي الذين في أموالهم زيادة عن الحاجة، يقال: أنفق مما فضل من ماله على الفقراء.
خامسا: مهما حصلت من مشاكل أو أخطاء من المحتاجين، فعلى المنفقين ان يعفوا ويصفحو، ففي النهاية كل الناس خطائين، والكل محتاجين إلى العفو بما فيهم المنفقين والمحتاجين.
الأول: أن الصدقة تطهر الذنوب، والزكاة تنقي العمل الصالح مما اختلط به من السيء.
الثاني: أن الصدقة والزكاة سبيل الله ليتوب على المذنبين والمخلطين في اعمالهم.
الثالث: أن الصدقة والتطهر تؤهل الانسان لينال حظا من صلاة النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) على المؤمنين.
الرابع: أن الصلاة من النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) تنزل السكينة في النفس، والسكينة هي من درجات الاطمئنان في الإيمان.
الخامس: أن الذي يأخذ الصدقات هو الله نفسه.
الصدقة التي يأخذها الله، هي الصدقة الذي يضعها المتصدق في يد المحتاج لله، لا لحاجة أخرى في نفسه، يعني: يبتغي بها وجه الله ولا يبتغي بها شكر المحتاج أو الرياء بأن يقال فلان كريم في انفاقه. المحتاج وسيلة المنفق للتقرب إلى الله، فالمتصدق احوج للانفاق من المحتاج نفسه.
قيل: جاء رجل صالح الى السوق فرأى شخصاً متعففا يقف جانبا لا يسأل الناس إلحافاً، فذهب إليه وأخرج مما عنده من المال واعطاه قائلا: خذها يا أخي ليس لك (ويقصد بذلك أنه أعطى صدقته لله لله تعالى).
فنظر إليه الرجل ومدَّ يده واخذ العطية وقال: هاتها يا أخي ليس منك (ويقصد أنه أخذ من الله تعالى الذي رزقه وليس من الشخص المنفق).
لقد كان كلاً منهما عارفا بما يقول وما يفعل. فلنعرف ما نقول وما نفعل أيضا.
الأول: أن الهدف من الزكاة هو تزكية النفس وليس تزكية المال (يزكون أنفسهم).
الثاني: لا يستطيع احد أن يدعي بأن نفسه قد تزكّت، مهما فعل من أعمال، ومهما انفق من صدقات، بل الحكم في ذلك يعود لله تعالى وحده، ومن يدعي بأن الله تعالى قد زكّا نفسه لأنه أنفق على بعض المحتاجين فإنه يدخل نفسه في زمرة المفترين على الله الكذب، والافتراء محرم بنص الكتاب.
الثالث: أن هذه الآيات لا تحكي عن المسلمين أو المؤمنين الساعين للصلاح في دنياهم وأخراهم، بل هي تستهدف أولئك المرائين الكذابين الذين لا يبتغون إلا الشهرة والسمعة بين الناس.
الأول: أن تزكية النفس وزكاتها تحصل من الايمان وعمل الصالحات.
الثاني: أن الجزاء الذي سيحصل عليه المتزكي هو الدرجات العلى.
الثالث: كل درجة من الدرجات العلى هي عبارة عن جنّة من جنات عدن، وليست الجنة الا قطعة من الأرض الغناء بالنخيل والاعناب والشجار والانهار وفيها ما تطيب به النفس وتلذ الأعين.
الرابع: كلما واظب المؤمن على إتيان الزكاة، فإنه يحصل على درجات عليا أكثر، وبالتالي أملاك اعظم من جنات عدن. والعكس بالعكس صحيح.
ثانيا: أن الخير المأمول من الزكاة يجده المسلم عند ربه، فلا ينتظر جزاء في غير محله.
ثالثا: حتى في الجنة هناك من يخاف ويحزن إلا اصحاب مقام (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فهؤلاء في الأمان من ذلك، وإنما يتحصل على هذا المقام من المحافظة على إخراج الزكاة.
أنه مثلما يشغل الانسان عقله بالتجارة والبيع، فعليه ان يشتغله بحساب الزكاة وايتاءها، إما بتوجيه النية في الزكاة الرسمية، أو بفعلها شخصيا في الزكاة الفردية ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾.
كلما تردد الانسان من الانفاق بسبب شعوره بأن ذلك سيفقره، فليعلم أن هذا الخاطر من فعل الشيطان الذي لا يعد الا بالباطل. في حين ان الله يعد بأن المنفق سوف يحصل على الفضل الواسع، فأنظر أي الوعدين تصدق.
على إنا نفهم بأن النذر هو فرض يفرضه المؤمن على نفسه، وبالتالي فعليه أداءه في جميع الأحوال، بصرف النظر عن سببه. فمثلا: إن نذر شخصا أن يطعم عشرة مساكين إن نجح ولده في الإختبار الدراسي، فإن عليه ان يوفي النذر ويطعم المساكين العشرة سواء أن نجح الولد في الاختبار أم فشل. فالأصل في النذر هو استثمار الظرف في التقرب الى الله تعالى بالاعمال الصالحة وليس تقديم رشوة لله قابلة للاسترداد.
أولا: التنبيه إلى ان هناك إناس لا هم لهم في الليل والنهار، في السر والعلن، شغلهم الشاغل، إيجاد السبل للانفاق في سبيل الله. ولعل من هؤلاء النشطاء والجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية والحملات التي يقومون بها.
ثانيا: ان من يكرس نفسه لهذا العمل الصالح، فجزاءه الحصول على قسمي العطايا الإلهية، وهما: الاجر والمقام، ومقام هؤلاء هو الولاية، لقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، فما دام جزاء الناشط في الانفاق ان يكون ممن (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، فسينال منصب الولاية.
أولا: أن الانفاق يجب ان يتوسط بين الاسراف والاقتار.
ثانيا: الاسراف: لا يكون الا في الحلال، بخلاف التبذير الذي لا يكون الا في الحرام.
ثالثاً: والاسراف هو التخبط في الانفاق بلا هدى، ومن امثلته ذلك التخبط:
– ان ينفق على من يستحق ولا يستحق.
– ان يبالغ في العطاء بما يفوق حاجة المحتاج.
– أن ينفق بقدر يجعله هو يكون معوزا وبحاجة لمن ينفق عليه.
رابعاً على الجملة:المسرف هو الذي لم يفرق بين انفاق الرزق وبين الانفاق من الرزق، والنص يقول: ﴿أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ﴾، فهو يتجاوز الحد بحيث يعطي من لا يستحق، ويزيد في العطاء بلا مبرر.
خامساً: (الاقتار) عكس (الاسراف)، فالاقتار هو المبالغة في التدقيق لتقليص الانفاق وتضييقه، مثاله: ان الشخص ومع المكنة فلا ينفق على عيالة الا اقل القليل، فإذا اشترى ثوبا لهم اخذ ارخصه، واكتفى به حتى يهترئ. فالمقتر هو الذي لا ينفق الا كرها.
سادساً: (القوّام) هو الذي يقوم الامر بالقسط، فيضع الأمور في نصابها، يزيد في الانفاق أو يقلص بحسب مقتضيات واقع الحال، فعلى الجملة هو الذي يجتهد في تقدير الأمور بمقاديرها، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾.
البر: هو من مقامات الدين الروحية، والآية تبين بأن هذا المقام لن ينال الا بالانفاق من كل ما يحبه الانسان.
يجب التمييز بين: انفاق ما تحب وبين الانفاق مما تحب، فالاخير هو ان تعطي شيئا مما تحب وليس جميعه.
فاذا كنت تحب قيادة السيارات فانفق وقتا وجهدا لتعليم الناس أصول القيادة.
واذا كنت تحب الطبخ فانفق وقتا في تعليم الناس والطبخ لهم.
واذا كنت تحب البرمجة، فساعد من يسألك الحاجة في ذلك وبخاصة لمن لم يملك المال لذلك.
واذا كنت تحب النظافة، فاخرج من دائرة المنزل إلى السيارة ومكان العمل والخارج، ولسوف يتوسع لك الوقت لتمد يد المساعدة في الحي والمجتمع.
وإذا كنت تحب الكلام كثيرا، فانفق بعض الكلام في سبيل الله بالإصلاح بين الناس، وبنشر ثقافة التواد والتراحم، فالكلمة الطيبة صدقة. وتحدث مع المقربين لا بلغة المعلم او المربي بل بلغة المتسائل المذكر الحاث النفس قبل الاخر على ما ينبغي فعله من الصالحات.
وهكذا، فباب البر واسع متسع وهو يتلخص بالقول: البرهو الانفاق مما تحب من المال أو ألقول أو العمل.
هذه الآية تضع الحد الفاصل بين من عليهم الانفاق وبين من لا حرج عليهم إذا لم ينفقوا، فالوحيد المعفي من الإنفاق المالي هو الذي لا يملك ما ينفق منه، وحتى هذا فعليه الإنفاق المعنوي لكي لا يخسر بركة الإنفاق، وإنفاقه يكون بالنصيحة لله ورسوله {صلى الله تعالى عليه وسلم}.